في منزل كبير يغدق على أطفاله ظلالاً من الحرية والمتعة بما يوفره لهم من مساحة تييح لهم اللعب والتحرك بطلاقة في قلبه الشاسع المفروش بالبساطة والطيبة والحنان ، منزل تقطنه عائلة كبيرة مكونة من ثلاث أسر تتعايش مع كائنات تسهم في خلق حالة من السحر والجمال والألفة القادرة على حماية طقس الحب الاجتماعي ، وتنمية مخيال الطفولة .
في فناء هذا المنزل المدجج بسذاجة الطبيعة وتنوعها، حيث تمرح في حضنه الأغنام والدجاج والبط والإوز والحمير والقطط والأرانب والحمام وأحياناً الأبقار والحمير، ولكن لاتفارقه العصافير الودودة التي تمتلك من الجرأة، وربما الطمأنينة ما يجعلها تلعب هي الأخرى وتأكل مما تجود به تربة المنزل من حبوب وفضلات الرز والخبز التي توضع لها خصيصاً!
في هذا المنزل المكون من طابقين والذي يفتح أبواباً لا تغلق، خاصة نهاراً ، منها بابان من جهة الشرق، أحدهما دروازة كبيرة حيث الاتصال والتواصل مع بقية منازل وطرقات القرية، وباب من جهة الغرب يفتح الأفق على غابة من النخيل الكثيف، الذي يضرم في الذات حب المغامرة والكشف نهاراً، ويؤجج في الليل غيوم القلب خوفاً من كائنات لا مرئية، تستحوذ على هذه الجهة، ليرتفع لهب القصص المتفايضة عن الجن التي تسكن هذه الغابة، وفي أحيان كثيرة تدخل منزلنا!
في هذا المنزل الذي لا يزال باقياً ، ولكن بعد أنت تغيرت ملامحه وفارقه الأحبة، خروجاّ أو موتاً، تفتحت عيناي الخضراوان على زرقة جميلة للسماء، ولامس جسدي تراباً لازالت رائحته تحثني على الحياة بعمق، وترسم خارطة من الذكريات !